القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة قصيرة : حب من بعيد

قصة قصيرة : حب من بعيد

قصة بعنوان : حب من بعيد 

جلست في الشرفة اترقب بلهفة 
و قلق متزايد مجيء هبة .عيناي مركزتان على مدخل الحي المقابل، هل ستاتي؟ لا استطيع ان اصبر اكثر..
خمسة ايام وانا انتظر..معقول ان تكون قد سافرت ولم تخبرني؟.
هاتفها يرن ولا احد يجيب. لكن.. لا يمكنها ان تفعل ذلك. هناك امور معلقة.. و.. يجب ان اراها.. سأجن ان بقيت هكذا.
اسندت خدي الى راحتي و اغلقت عيني المتعبتين لحظة. ثم فتحتهما فجأة وعدت احدق في الشارع. لا اريد ان تفوتني لحظة وصولها.. ثم اريد ان افتح لها بنفسي.. اريد ان اعرف منها اين كانت.. ولم لم تاتي لزيارتي؟. وهل وصلها رده؟!
خفق قلبي بشدة. حركت شفتي لانطق باسمه، ولم استطع انتابتني قشعريرة الخوف و الالم و انقبض صدري. اعرف ان الطريق الذي اسلكه طريق شائك لا منفذ له.
 لكن..لم اعد املك من امري شئ.. تاكدت من ذلك جيدا
 هذه الايام.. لا استطيع الكف عن التفكير فيه و ترقب رده.. اصبح هاجسيافكر فيه ليلا ونهارا.. و احلم به وارتعد من الخوف.. يخيل الي ان اسمه سينفلت في اي لحظة من بين شفتي و يفضحني..
سيقتلني ابي و اخوتي.. آه لو يعلمون!.توهج خداي.اخفيتهما
 خلف راحتي و قفزت من مكاني وانا اسمع خطوات تقترب.. انها امي.. رمقتني بنظرات فاحصة،وتمتمت وهي تهز راسها بريبة : النافذة من جديد! من تراقبين؟ دون ان تنتظر ردي اقتربت و اطلت على الشارع الخالي من الناس،
ثم حملقت في و سألت: اخبريني ما قصة هذه النافذة؟.. 




رددت بصدق :لا شئ انتظر هبه اشتقت اليها، لم ارها من ايام! هزت
 كتفيها وابتعدت وهي تقول: هبة! لا احب هذه الفتاة ولا احب وشوشتكما، اخبرتك مائة مرة اغلقي النافذة فالحر شديد، لن تاتي.. وهذا افضل!.. خرجت امي و تهالكت مكاني وانا ارتعد، لن يضيفو اسم هبة الى قائمة الممنوعات! لن احتمل لقد صبرت كفاية. منعوني من الخروج وحدي ولم اقل شيئا، منعوني من السفر وحبسوني منذ بداية الصيف في المنزل و رضخت. وضعو مراقبة على مكالماتي و سكتت. ولكن لن يستمر صمتي ان وقفو ضد علاقتي بهبة..
سأقيم الدنيا ولن اقعدها، سأثور في وجيههم جميعا سيرون.!
أحطت جسمي بذراعي و حاولت استعادة هدوئي، حتى الان
 لم يقل لي احد اي شئ.. وتعليقات امي كانت عابرة، لماذا اضخم الامور؟  انتفض قلبي بين ضلوعي و انتابتني رغبة عارمة في البكاء ..
 هو السبب منذ ان دخل حياتي.. لم تعد تعجبني اشياء كثيرة في البيت ،لم تعد تعجبني عزلتي.. ولا السجن الذي وجدت نفسي محبوسة فيه منذ ... منذ متى بالضبط؟. لا ادري منذ ان وعيت، عالمي ضيق
ومحدود، البيت، المدرسة، والنزهات النادرة التي ترافقني فيها امي او اخوتي.. لم اشعر يوما بالرغبة ولا بالحاجة الى الابتعاد..
الى التنفس بعيدا عن سياج الاسرة.. لكن.. الان.. في هذه اللحظة بالذات ارغب في الخروج.. في البحث عن هبة.. في التصال به..
 في رؤيته..واعرف ان ذلك مستحيل،و اكاد اجن لهذا السبب.. 
استدرت نحو النافذة، وتفحصت الشارع بقلق متضاعف.. اين انت يا هبة؟ لم لا تاتين؟.. هل احاول مهاتفتها من جديد؟ نهضت وقد
 استبدت بي الهواجس.. دخلت الى الصالون وواريت الباب خلفي.. ابي نائم، واخوتي منشغلون كل في غرفته.. فهذا وقت القيلولة لا خوف اذن..لن يفاجئني احد. وفي كل الاحوال انا لا افعل ما اخجل منه.. جلست ووضعت الهاتف على ركبتي و ادرت رقم هبة.. رن طويلا من دون جدوى.. اعدت الكرة ولا احد يجيب.. تبعدت السماعة عن اذني وفي اللحظة رد عليا فيها صوت طفولي: الو.. من؟!
 هتفت بلهفة:مرحبا هل بامكاني التحدث الى هبة؟
 رد الصغير :اظنها نائمة او ربما خرجت لم ارها منذ الصباح..
 عدنا هذه الليلة، وهي لحقتنا مع عمتي في الصباح..

إقرأ ايضا : ⏪  قصة : حبيبتي انا.




عادوا؟! اذن كانو مسافرين.. كيف لم تخبرني؟ هممت ان اسئل الصغير اين هي الان..  عاد الصغير يرد :امي تقول انها خرجت ربما ذهبت مع عمتي الى السوق.. شكرته ووضعت السماعه ، على الاقل اعرف الان انها هنا. سامحها الله كيف تركتني بهذا الشكل؟ وماذا عنه هو الم تفكر فيه؟ غاظتني هذه الفكرة، بالتاكيد هي تفكر فيه، أليس خطيبها.. الن يتزوجا بعد عامين؟ حين ينهي دراسته ويعود نهائيا من الغربه.. وضعت يدي على قلبي.. احسست بالم فظيع كأن سكينا انغرست فيه..  لا لا يمكن ان يتزوجا..لا يعرف احدهما الاخر.. اخبرتني اكثر من مرة انهما تقابلا مرة واحدة .. حين كانت طفلة لا تتجاوز العشر اعوام.. امه كانت الصديقة الحميمة لوالدتها.. جائت تزورهم بعد وفاة زوجها وتقدم لها رجل من معارفهم يعمل في الخارج وسافرت معه هي وابنها..لم تنقطع اخبارهم و حين كبر الولد واصبح يفكر في العودة الى الوطن و الاستقرار فيه..اقترحت امه ان تطلب له يد هبة، ولم يمانع.. لم يستطع الحضور واكتفى بمراسلتها.. لا مراسلتي انا... انا التي جعلته يتعلق بها،، انا التي فتحت له ابواب الحب.. انا التي رعيت شوقه ولهفته، انا... مسحت بعصبية دمعة حارة سالت من دون استئذان.. حين استنجدت بي زميلتي و جارتي هبة لأعينها في الرد على خطاب خطيبها. لم اتحمس للامر.. خشيت مما قد تسببه لي هذه الحكاية ان هي اكتشفت.. لكنني رضخت لرغبتها. فمنذ صغري وانا احب الانشاء.. قرأت رسالته وكتبت الرد الاول،
 ثم الثاني ثم الثالث، لم يعد الامر عملا صعبا.. صرت انتظر رسائله بفارغ الصبر.. التهمها عندما تأتيني هبة بها... واكتب ردودي عليها من دون استشارة صديقتي..  احتل شيئا فشيئا مكانا اكبر في قلبي و عقلي و روحي..و احببته.. نعم احببته بكل ذرة في كياني.. و اعرف انه يبادلني الحب.. انا اعرف انه تعلق بكاتبة السطور التي تصله.. اشعر بذلك اقرأه بين كلماته و حروفه..و اود ان اكشف عن نفسي له، ارغب في ان اصرخ في وجهه :لا تحادثها في الهاتف، لاتناديها هبة، انا التي يخفق قلبك و قلمك حبا لها.. "ما بك ؟ " سؤال كله اتهام و شك.. تنهدت و استدرت لأواجه امي ،لا فائدة من اخفاء الدموع، لا فائدة من الهروب، عاجلا ام آجلا سيكتشفون امري.. و لست خائفة ولا خجلة ولا... تاهت افكاري وانا افاجأ بهبة خلف امي.. تقدمت ولمحت طرف مظروف يطل من جيب سترتها.. و شعرت بدماء حارة تتصاعد الى وجهي..  سأقرا خطابه اخيرا، لم اعد اهتم لشئ اخر.. 
خطفت يد هبة بلهفة و جدبتها خلفي الى غرفتي...
أشرقت شمس حياتي من جديد... 

جدول المحتويات