القائمة الرئيسية

الصفحات


قصة,احلام,سارة,قصة فصيرة,رواية,قصص قصيرة,الدراما ,


قصة احلام سارة

ابتعدت الحافلة، و وقفت سارة على الرصيف، نجاة
تنظر من زجاج النافذة، تلوح بيدها وتظل سارة بمفردها ما  الذي ينتظرها؟ ما الذي ینتظر امرأة وحيدة في مدينة بلا قلب.
ستجر قدميها عبر شوارع المدينة التي ارهقتها، تری الي
این سيقودها هذا الخطو المتسارع في قطع المسافات الی اين ستقذفها قدماها المتعبتان؟
في ناحية ما من هذه المدينة يوجد مكان يستطيع ضمها، غرفتها البئيسة هناك تنتهی رحلاتها اليومية، تفتح الباب
الخشبي. الجارة تطل من نافذتها المفتوحة على فناء الدار
تقتسم معها ایجارها:
- مساء الخیر.
- مساء الخیر.
ستنظر الي بلاط الحجرة.
»لا رسالة وصلت«
تغلق الباب
من سیتذكرك ايتها العجوز . ايتها البومة المهجورة ، أنظري الي غرفتك كم هي قذرة؟
تزيل حذاءها ومعطفها البالي،
هل هذه ملابس امراة؟
تفتح دولاب ملابسها:
هل قلت ملابس؟
القميص الواحد، التنورة ذاتها تعرفها منذ اربع سنوات صارتا صديقتين، تسکنا بعضهما كل يوم تقريبا،
تحادث نفسها:
منذ متى لم تفكر في شراء ملابس جديدة. ربما نسیت
رائحة العطر كيف هي، احمر الشفاه لا تعرفين بالتأکید کم هي اثمانه هذه الأيام، حتى تلك
العادة القدیمة في التجول في ازقة السوق الشعبي ورؤية الناس وهم يشترون، یلبسون، يدفعون ثمن اشياء قد لا
يستعملونها ابدا حتى تلك العادة افرغت من جمالها!
هكذا فكرت سارة وهی تحدث نفسها، المسكينة لم تعد لها اية رغبة في الاقتناء
- قمة خراب امرأة باعت الكثير من اثاث غرفتها، هدایا الأصدقاء وبعض ملابسها الانيقة. صارت واثقة
أنها تستطيع أن تعیش دون تلك الأشیاء: أن تعیش وهل تعيش حقا؟



امي لابد أن تعرفي اننا لا نحيا  كم لي ان اقول لك أن هذه
ليست حياة نحن نسير موتنا انظري للآخرین، کیف یأكلون و کیف یلبسون؟!
امي الا يحدث ان تکتشفي فجاة حقيقة فجة لم نصنعها  وهي حقيقة اننا فقراء.
هل تعرفين ما معنى هذا؟
- ابنتي..«(
تذكرت هذا الحوار الذي جرى مع امها قبل سنوات حين كانت تفكر ان شيئا ما لا بد أن
يحدث لابد أن يتغير شيء، اما الآن فهي لا تفعل شيئا. فقط
تقفل الأبواب وتطل من النافذة وتنتظر هناك رحيل النهار ...يموت
يشرق نهار آخر يولد وهي هنا.
والان  لاتفعل شيئا فقط تعرف كم هي ميتة  نهاراتها القادمة.
غادرت قريتها منذ سنوات وجاءت إلى المدينة برأس
ممتلى بافکار متوقدة قالت لنفسها ذات يوم وهي تتامل نفسها في المراة ..
»سيكون لك شان كبير ايتها الحمقاء «! !
هكذا قال لها استاذها  منذ زمن بعيد في لحظة غباء شديد.
المدينة، ليلها الساحر والبحر الذي كانت منذ طفولتها
تعنف مخيلتها لکی ترسم له، في راسها دون أن تنجح في
ذلك، في هذه المدينة عرفت الليل والبحر.
کم هو جميل يا ابي هذا المنظر الأزرق الممتد أمام عيني
هكذا كتبت لأبيها تخبره عما رأته في المدينة، حدثته انها
وجدت عملا وسيدفعون لها جيدا.
"ساعوضكم يا أبي عن كل شيء أغفرا لي حماقاتي انت وامي "
العجوزان المسکینان نشرا الخبر في القرية:
" ابنتنا موظفة وستبعث لنا راتبا شهريا "
انتظرا طويلا، حلقا في فضاء امل شاسع. سينتهی حرمانهما، لن يضع الكهل بعد هذا رجليه الحافيتين على الهيدورة، المتسخة. سيتغير كل شيء فى ذلك الكوخ وربما يشترون جهاز تلفاز. سيأتي
سكان القرية ليتفرجو عندهم على المسلسل العربي . 
تمنيا كثيرا قبل أن يغوصا في بؤس عميق وتغوص هي هنا في وحل المدينة
قدماها متورمتان من فرط المشي لا عمل حتى  الكتابة لم تعد تعني لها شيئا، وحده البحر كان يمنحها
معناها، كأنها اتت الي  هنا لتكتشفه فقط .
تذهب كل يوم الى الشاطی
تتأمل الفضاء الفسیح امامها وتحدث نفسها:
تلك النقطة البيضاء هناك
نورس يبحث عن الشاطئٰ،
تظل الأفراس تركض في أعماقها ويظل البحر يعلن غضبه وتظل قدماها المتعبتان تجران اساها في هذه المدينة وفي القريه  يضل ابواها فقیرین وحيدين في شيخوختهما.
 تظل العالم كما هي، كل يوم أحد تلتقي بنجاة تحدثها هذه الأخيرة عن خطيبها الأحمق، العنيف جدا والحنون
جدا. وتحدثها هي عن فراغها القاتل وحين تدق الساعة السابعة تدفع نجاه ثمن القهوة. توصلها سارة الی
محطة الحافلات، تركب نجاه تلوح بیدها من زجاج النافدة، تظل سارة واقفة وحين تبتعد 
الحافلة ترتمي جسدها في ليل المدينة تقودها قدماها الی غرفتها البئيسة.
لا يتغير شيء. . لا شيء يتغير، فقط هي امام البحر
في شوارع المدينة تستعرض رومنسیتها
الحزينة.

جدول المحتويات